طلبت سيريانيوز مبرمجين للعمل، وكانت إحدى السير الذاتية الواردة تتضمن ملاحظة هامه "لا أستطيع الدوام في مكتب أو القدوم لإجراء مقابلة أو التحدث على الهاتف"، راجيا صاحبها التواصل معه عبر الإنترنت.
مهنة المرسل حسب السيرة الذاتية هي ( مدير سيرفرات لينكس منذ 5 سنوات ومبرمج منذ 18 سنة)، أما سبب ملاحظته هي أنه "مصاب بشلل رباعي ومتصل بجهاز تنفس اصطناعي"، ويأمل الحصول على الوظيفة "بسبب مؤهلاته وليس بسبب ظرفه الخاص"، واتصلنا مع المرسل لنكتشف بأنه " خلدون سنجاب " نفس الشاب الذي التقيناه ونشرنا مقالا عنه في سيريانيوز قبل خمس سنوات.
" خلدون سنجاب " الشاب الثلاثيني الذي تعرض عام 1994لحادث أدى لشلل رباعي ( في الأطراف ) وشلل في الحجاب الحاجز وكان وقتها في الثامنة عشر، يعيش منذ ذلك الحين على التنفس الاصطناعي ممددا دوما في فراشه يعلو رأسه جهاز الكمبيوتر وتعلو شفتيه (الماوس ) التي صممها خصيصا لنفسه بمساعدة الأصدقاء ليستطيع إكمال حياته المهنية واليومية في العالم الافتراضي – عالم الإنترنت – من خلال تلك الماوس التي يحركها بشفته السفلى حينا وبلسانه أحيانا أخرى .
يتحدث بصوته الخافت، يسعفه صوت زوجته في توضيح ما يقول "كان أهم ما حصل معي منذ خمس سنوات حتى الآن أنني استطعت أخيرا تأسيس عملي الخاص، وأجمل ما حصل كان أنني تزوجت ! ".
أحلامه لا حدود لها، فاليوم وبعد أن كان حلمه تأسيس شركة كبيرة مثل مايكروسوفت، يقول "خطيت الخطوة الأولى اتجاه حلمي " ويضيف " استأجرت مخدما إلكترونيا ( سيرفر ) وبدأت أحجز للزبائن وأتعامل معهم باسمي الشخصي وليس كموظف لدى شركة، ما أتاح لي حرية الاختيار واتخاذ القرارات، كما صممت موقعا إلكترونيا خاصا بي يزوره دائما الكثير من الزوار، ورغم أن البداية كانت متعبة خاصة مع الخسارة المادية التي منيت بها وقتها، و المسؤولية كبرت الآن وأصبحت المهمة أصعب، ولكن الخسارة أصبحت ربحا، والعمل الخاص يزيد من الثقة بالنفس ويمنح متعة أكبر بكثير مما لو كنت سأنتظر صاحب العمل ليقدر مجهودي، وإن شاء الله سأكون على قدر المسؤولية، وبالإصرار والمثابرة والتحدي سأصل لهدفي ".
" الآن، وبعد خمس سنوات من لقائنا الأول ، أنا سعيد ومتفائل أكثر من الماضي، وعندي ثقة أكبر بالمستقبل، لأن أحلامي بدأت تتحقق "
قبل حوالي سنتين، جاءت " يسرا " المرأة الثلاثينية المطلقة وأم لطفلة – إلى خلدون لمساعدتها في دروس الشهادة الثانوية، لتصبح العلاقة بعد الدرس الخامس حبا توج بالزواج.
يروي لنا خلدون هذه التفاصيل بعيون براقة وابتسامة عريضة، ويفخر بأنه لم يلجأ لمساعدة مادية من أحد لتكاليف الزواج، بل جمع سعر البيت واشتراه من دخله الخاص الذي سدد منه أيضا كل تكاليف الخطوبة والزفاف والاحتفال، يقول خلدون " كل شيء صار أجمل، زاد إحساسي بالسعادة والاستقرار، وستكتمل فرحتي عندما نرزق بالطفل"، الذي سيكون طفل أنبوب حسب زوجته .
يعيش خلدون اليوم مع زوجته وابنتها التي تناديه " بابا " وتتمدد بجانبه دائما للتفرج على عمله على الكمبيوتر والإنترنت، بعد سنة ونصف من الزواج الذي " غير حياته للأجمل " .
سرير خلدون – الذي لم يغادره منذ 15 عاما إلا نادرا - أصبح الآن لشخصين، تشاركه فيه زوجته التي تروي لنا " أنام بجانبه وأستيقظ ليلا بمجرد أن يناديني صوته ( يسرا ) ليشرب الماء أو ليقضي حاجة، وقبل النوم أحرص أن أتأكد من سلامة المنفسة الاصطناعية الموصولة إلى عنقه، وهي تعطي إنذارا صوتيا في حال حدوث انقطاع أو خلل أثناء النوم، والحمدلله هذا لم يحدث " وتتابع " أطعمه وأسقيه وأعتني بصحته، أحس أنني أضفت ألوانا وحنانا ودفئا لحياته، وأنا سعيدة جدا لأنني أسعده، معه أشعر بالرضا التام والحب الكبير، وأنا مقتنعة جدا باختياري".
عندما طرحت يسرا على أهلها فكرة الزواج من رجل مشلول ويعيش على التنفس الاصطناعي " جن جنون أبي " تقول " ولكن بعد أن تعرف على خلدون ولمس فيه صاحب الأخلاق الرائعة والإنسان المبدع عاد إلى البيت ليقول لي : "إذا لم تتزوجيه أنا سأبحث له عن عروس "
في بيته الجديد ومع عائلته الجديدة يقضي خلدون أغلب وقته في متابعة عمله مع الشركات السبعة المتعاقدة معه لبرمجة مواقعها إضافة للمواقع الأخرى التي يعمل لها، ويساعد طلاب الجامعات في إعداد مشاريع التخرج المتعلقة بالعالم الإلكتروني، وكذلك يواظب على تعلم كل جديد حول عالم البرمجيات من كتب ومراجع إلكترونية وبرامج وسواها، يساعده في ذلك إتقانه للغة الانكليزية ويتيح له الاطلاع على هذه المعارف من مصادرها المباشرة .
يشعر خلدون بالرضا عموما عن دخله لكن يتمنى أن يكون أكثر من ذلك، ولذا يسعى جاهدا لاستكمال تأسيس عمله الخاص، يعاني من الانقطاع المتكرر لاتصال الإنترنت ما يعطل عليه العمل ( لديه اتصال adsl ) ، ومن التكاليف المرتفعة نسبيا للاتصال بالإنترنت التي لا تقل عن 3000 ل.س شهريا ، كما يعاني من عدم إمكانية البيع الإلكتروني من سورية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها .
أما معاناة خلدون الكبرى وزوجته هو الانقطاع اليومي ولساعات للتيار الكهربائي، توضح زوجته : " المنفسة الاصطناعية تعمل على الكهرباء وانقطاع الكهرباء يعني توقف عمل المنفسة، ما يضطرني لاستبدالها بالمنفسة اليدوية التي أظل أضغطها بيدي طالما لا يوجد كهرباء وهو ما يستمر أحيانا لساعتين".
يوجد اليوم جهازين يحول عدم توفرهما بين خلدون وأحلامه لإكمال مشوار حياته بقدر أقل من الصعوبة، الأول هو جهاز تنفس خاص يزرع تحت الحجاب الحاجز ويتيح التنفس بشكل طبيعي دون الحاجة لتعليق المنفسة الكهربائية الدائم - على حجمها الكبير - في عنقه يصل سعرها(65000 $ )، والثاني هو كرسي متحرك من نوع خاص جدا للحالات القليلة في العالم التي تشبه حالة خلدون يتضمن منفسة مثبتة به بحيث يمكن التنقل دون التقيد بالمنفسة الكهربائية ( 20000 $ )، علما أنه في حال زرع جهاز التنفس لن يحتاج لمنفسة في الكرسي المتحرك مما سيخفض كثيرا من سعر الكرسي .
التكاليف الباهظة للجهازين لا تسمح لخلدون بشرائهما، وعزة نفسه لا تسمح له بطلبها من الآخرين، ورفض خلدون بشكل قاطع توجيه نداء شخصي لأي جهة أو فرد بتقديم هذه الأجهزة.
قبل نهاية اللقاء لم يفت خلدون توجيه شكر للسيدة (أم أنيس) التي زارتهم قبل أشهر مع أصدقاء مشتركين للتعرف عليه، وفي اليوم الثاني فوجئوا ببابهم يُطرق وخمسة شبان يحملون سريرا كهربائيا هدية من السيدة لخلدون مجهزا بالتحكم الإلكتروني مما " يسر له الكثير من الأمور اليومية " بحسب تعبيره.
منقووووووووول
مهنة المرسل حسب السيرة الذاتية هي ( مدير سيرفرات لينكس منذ 5 سنوات ومبرمج منذ 18 سنة)، أما سبب ملاحظته هي أنه "مصاب بشلل رباعي ومتصل بجهاز تنفس اصطناعي"، ويأمل الحصول على الوظيفة "بسبب مؤهلاته وليس بسبب ظرفه الخاص"، واتصلنا مع المرسل لنكتشف بأنه " خلدون سنجاب " نفس الشاب الذي التقيناه ونشرنا مقالا عنه في سيريانيوز قبل خمس سنوات.
" خلدون سنجاب " الشاب الثلاثيني الذي تعرض عام 1994لحادث أدى لشلل رباعي ( في الأطراف ) وشلل في الحجاب الحاجز وكان وقتها في الثامنة عشر، يعيش منذ ذلك الحين على التنفس الاصطناعي ممددا دوما في فراشه يعلو رأسه جهاز الكمبيوتر وتعلو شفتيه (الماوس ) التي صممها خصيصا لنفسه بمساعدة الأصدقاء ليستطيع إكمال حياته المهنية واليومية في العالم الافتراضي – عالم الإنترنت – من خلال تلك الماوس التي يحركها بشفته السفلى حينا وبلسانه أحيانا أخرى .
يتحدث بصوته الخافت، يسعفه صوت زوجته في توضيح ما يقول "كان أهم ما حصل معي منذ خمس سنوات حتى الآن أنني استطعت أخيرا تأسيس عملي الخاص، وأجمل ما حصل كان أنني تزوجت ! ".
أحلامه لا حدود لها، فاليوم وبعد أن كان حلمه تأسيس شركة كبيرة مثل مايكروسوفت، يقول "خطيت الخطوة الأولى اتجاه حلمي " ويضيف " استأجرت مخدما إلكترونيا ( سيرفر ) وبدأت أحجز للزبائن وأتعامل معهم باسمي الشخصي وليس كموظف لدى شركة، ما أتاح لي حرية الاختيار واتخاذ القرارات، كما صممت موقعا إلكترونيا خاصا بي يزوره دائما الكثير من الزوار، ورغم أن البداية كانت متعبة خاصة مع الخسارة المادية التي منيت بها وقتها، و المسؤولية كبرت الآن وأصبحت المهمة أصعب، ولكن الخسارة أصبحت ربحا، والعمل الخاص يزيد من الثقة بالنفس ويمنح متعة أكبر بكثير مما لو كنت سأنتظر صاحب العمل ليقدر مجهودي، وإن شاء الله سأكون على قدر المسؤولية، وبالإصرار والمثابرة والتحدي سأصل لهدفي ".
" الآن، وبعد خمس سنوات من لقائنا الأول ، أنا سعيد ومتفائل أكثر من الماضي، وعندي ثقة أكبر بالمستقبل، لأن أحلامي بدأت تتحقق "
قبل حوالي سنتين، جاءت " يسرا " المرأة الثلاثينية المطلقة وأم لطفلة – إلى خلدون لمساعدتها في دروس الشهادة الثانوية، لتصبح العلاقة بعد الدرس الخامس حبا توج بالزواج.
يروي لنا خلدون هذه التفاصيل بعيون براقة وابتسامة عريضة، ويفخر بأنه لم يلجأ لمساعدة مادية من أحد لتكاليف الزواج، بل جمع سعر البيت واشتراه من دخله الخاص الذي سدد منه أيضا كل تكاليف الخطوبة والزفاف والاحتفال، يقول خلدون " كل شيء صار أجمل، زاد إحساسي بالسعادة والاستقرار، وستكتمل فرحتي عندما نرزق بالطفل"، الذي سيكون طفل أنبوب حسب زوجته .
يعيش خلدون اليوم مع زوجته وابنتها التي تناديه " بابا " وتتمدد بجانبه دائما للتفرج على عمله على الكمبيوتر والإنترنت، بعد سنة ونصف من الزواج الذي " غير حياته للأجمل " .
سرير خلدون – الذي لم يغادره منذ 15 عاما إلا نادرا - أصبح الآن لشخصين، تشاركه فيه زوجته التي تروي لنا " أنام بجانبه وأستيقظ ليلا بمجرد أن يناديني صوته ( يسرا ) ليشرب الماء أو ليقضي حاجة، وقبل النوم أحرص أن أتأكد من سلامة المنفسة الاصطناعية الموصولة إلى عنقه، وهي تعطي إنذارا صوتيا في حال حدوث انقطاع أو خلل أثناء النوم، والحمدلله هذا لم يحدث " وتتابع " أطعمه وأسقيه وأعتني بصحته، أحس أنني أضفت ألوانا وحنانا ودفئا لحياته، وأنا سعيدة جدا لأنني أسعده، معه أشعر بالرضا التام والحب الكبير، وأنا مقتنعة جدا باختياري".
عندما طرحت يسرا على أهلها فكرة الزواج من رجل مشلول ويعيش على التنفس الاصطناعي " جن جنون أبي " تقول " ولكن بعد أن تعرف على خلدون ولمس فيه صاحب الأخلاق الرائعة والإنسان المبدع عاد إلى البيت ليقول لي : "إذا لم تتزوجيه أنا سأبحث له عن عروس "
في بيته الجديد ومع عائلته الجديدة يقضي خلدون أغلب وقته في متابعة عمله مع الشركات السبعة المتعاقدة معه لبرمجة مواقعها إضافة للمواقع الأخرى التي يعمل لها، ويساعد طلاب الجامعات في إعداد مشاريع التخرج المتعلقة بالعالم الإلكتروني، وكذلك يواظب على تعلم كل جديد حول عالم البرمجيات من كتب ومراجع إلكترونية وبرامج وسواها، يساعده في ذلك إتقانه للغة الانكليزية ويتيح له الاطلاع على هذه المعارف من مصادرها المباشرة .
يشعر خلدون بالرضا عموما عن دخله لكن يتمنى أن يكون أكثر من ذلك، ولذا يسعى جاهدا لاستكمال تأسيس عمله الخاص، يعاني من الانقطاع المتكرر لاتصال الإنترنت ما يعطل عليه العمل ( لديه اتصال adsl ) ، ومن التكاليف المرتفعة نسبيا للاتصال بالإنترنت التي لا تقل عن 3000 ل.س شهريا ، كما يعاني من عدم إمكانية البيع الإلكتروني من سورية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها .
أما معاناة خلدون الكبرى وزوجته هو الانقطاع اليومي ولساعات للتيار الكهربائي، توضح زوجته : " المنفسة الاصطناعية تعمل على الكهرباء وانقطاع الكهرباء يعني توقف عمل المنفسة، ما يضطرني لاستبدالها بالمنفسة اليدوية التي أظل أضغطها بيدي طالما لا يوجد كهرباء وهو ما يستمر أحيانا لساعتين".
يوجد اليوم جهازين يحول عدم توفرهما بين خلدون وأحلامه لإكمال مشوار حياته بقدر أقل من الصعوبة، الأول هو جهاز تنفس خاص يزرع تحت الحجاب الحاجز ويتيح التنفس بشكل طبيعي دون الحاجة لتعليق المنفسة الكهربائية الدائم - على حجمها الكبير - في عنقه يصل سعرها(65000 $ )، والثاني هو كرسي متحرك من نوع خاص جدا للحالات القليلة في العالم التي تشبه حالة خلدون يتضمن منفسة مثبتة به بحيث يمكن التنقل دون التقيد بالمنفسة الكهربائية ( 20000 $ )، علما أنه في حال زرع جهاز التنفس لن يحتاج لمنفسة في الكرسي المتحرك مما سيخفض كثيرا من سعر الكرسي .
التكاليف الباهظة للجهازين لا تسمح لخلدون بشرائهما، وعزة نفسه لا تسمح له بطلبها من الآخرين، ورفض خلدون بشكل قاطع توجيه نداء شخصي لأي جهة أو فرد بتقديم هذه الأجهزة.
قبل نهاية اللقاء لم يفت خلدون توجيه شكر للسيدة (أم أنيس) التي زارتهم قبل أشهر مع أصدقاء مشتركين للتعرف عليه، وفي اليوم الثاني فوجئوا ببابهم يُطرق وخمسة شبان يحملون سريرا كهربائيا هدية من السيدة لخلدون مجهزا بالتحكم الإلكتروني مما " يسر له الكثير من الأمور اليومية " بحسب تعبيره.
منقووووووووول